ورقة تقدير موقف حول
"الاصلاح السياسي في برامج القوائم الانتخابية"
إعداد مركز الفينيق للدراسات الاقتصادية والمعلوماتية
عمان – الاردن،20 كانون الثاني 2013
تشتد حدة المنافسة الانتخابية قبل اقل من 48 ساعة على فتح صناديق الاقتراع أمام المواطنين المسجلين للمشاركة بانتخابات مجلس النواب السابع عشر، والتي ستجري يوم الأربعاء القادم في 23 كانون الثاني الجاري، في الوقت الذي تتكثف فيه جهود الحكومية نحو زيادة نسبة المشاركة فيها، مع الحفاظ على الصورة الاعلامية التي رسمتها حول نزاهتها، خاصة مع استمرار مقاطعة عدد من الأحزاب والحركات السياسية، كحزب جبهة العمل الاسلامي الذراع السياسي لجماعة الاخوان المسلمين، الى جانب بعض الأحزاب والحركات السياسية اليسارية كحزب الوحدة الشعبية والحزب الشيوعي وحركة اليسار الاجتماعي، والتيار القومي التقدمي وبعض الحراكات السياسية في المحافظات، وانتشار ظاهرة شراء الأصوات على نطاق واسع عند القوائم والمرشحين الفرديين.
وتأتي هذه الانتخابات بعد عامين متواصلين من الاحتجاجات، والتي ما انفكت تطالب بضرورة اجراء اصلاحات سياسية ملموسة في النظام السياسي الأردني، الى جانب مطالبتها بمحاربة الفساد ومحاكمة الأشخاص الذين يمارسونه، فالجميع يراقب وينتظر الكيفية التي ستجري على أساسها الانتخابات وما ستسفر عنه نتائجها.
وفي ورقة "تقدير الموقف" هذه والتي تعد الثانية الصادرة عن "مركز الفينيق للدراسات الاقتصادية والمعلوماتية" حول رصد برامج القوائم الانتخابية، سيتم تحليل مضامين القوائم الانتخابية للكشف عن رؤيتها واطروحاتها المتعلقة بأجندات الاصلاح السياسي، ورؤيتها لتطوير الحياة السياسية في الاردن، إذ تناولت الورقة الأولى المضامين الاقتصادية لبرامج القوائم الانتخابية وصدرت الأسبوع الماضي.
وقد قام فريق اعداد ورقة "تقدير الموقف هذه" بتحليل البرامج الانتخابية ل (42) قائمة انتخابية[1] من أصل (61) قائمة، بواقع (69%) من مجمل القوائم الانتخابية، إذ لم يتمكن الفريق من الحصول على كافة برامج القوائم الانتخابية لأسباب عديدة.
وقد تم اعتماد عدد من المؤشرات التي تم من خلالها قراءة مضامين برامج القوائم الانتخابية، وتمثلت في موقف القوائم الانتخابية من آلية تشكيل الحكومات والتعديلات الدستورية وقانون الانتخاب وقانون الأحزاب السياسية، باعتبارها تشكل المحاور الأساسية لعملية الاصلاح السياسي في الأردن.
وفيما يأتي أهم النتائج التي تم التوصل اليها:
آلية تشكيل الحكومات:
ففي موضوع آلية تشكيل الحكومات والذي احتل مساحة واسعة من الجدالات السياسية التي جرت في الأردن خلال العامين الماضيين، كانت المفاجئة أن القوائم الانتخابية التي تناولت هذا الموضوع بطريقة مباشرة أو غير مباشرة محدودة، إذ تناولته فقط ثمانية قوائم انتخابية من أصل 42 قائمة تم رصدها بنسبة تقارب 20 بالمائة، واذا ما اخذ بعين الاعتبار أن القوائم التي لم يتسنى لفريق اعداد الورقة الاطلاع عليها لم تصدر برامج انتخابية، فإن النسبة تنخفض الى 13 بالمائة فقط. وقد ركزت برامج هذه القوائم على أهمية تشكيل حكومات برلمانية و/أو حزبية، ولكن بزوايا مختلفة، فمنها من أشار الى ضرورة "تشكيل حكومات حزبية تعتمد البرامج السياسية والاقتصادية والاجتماعية"، أو " تشكيل حكومات برلمانية حزبية"، وبعضها الآخر أعلن "أنه يؤمن بالحكومات البرلمانية"، وطالبت أخرى "بتشكيل حكومات برلمانية تستند الى الثقة والمشاورات النيابية الملزمة"، والبعض الآخر طالبت "بتشكيل الحكومات من قبل البرلمان ومحاسبتها من الشعب"، وأخرى طالبت "بإيجاد خيارات سياسية جديدة للحكومات وطرق تشكيلها"، واكتفت قوائم أخرى بالإشارة الى "ارساء مبدأ التعددية السياسية وفتح الطريق أمام التداول السلمي للسلطة". ومن الجدير بالذكر هنا أن القوائم الانتخابية التي تناولت هذا الموضوع هي تلك المنبثقة عن احزاب سياسية و/أو تيارات سياسية.
الدستور وتعديلاته
بالرغم من أن الدستور ومواده كان أحد المحاور الهامة التي تركزت حولها غالبية المناقشات المتعلقة بالإصلاح السياسي في الاردن خلال العامين الماضيين، الا أن 10 قوائم انتخابية فقط هي التي تناولت موضوع الدستور بطريقة وأخرى، إما بالمطالبة بالمحافظة عليه أو بتفعيل تطبيق نصوصه، وإما بضرورة تعديله، وشكلت القوائم التي تناولت هذا الموضوع ما نسبته 24 بالمائة من القوائم الانتخابية التي تم تحليلها، و 16 بالمائة من مجمل القوائم الانتخابية.
فمن جانب طالبت بعض القوائم بضرورة "معارضة أي محاولة للمساس بالدستور"، وأشارت بعضها الى أن " التعديلات الدستورية التي جرت مؤخرا كافية ومقنعة"، وأخرى اشارت الى ضرورة اجراء بعض التعديلات الدستورية واستحداث نص يسمح بإجراء استفتاءات شعبية، ولكن دون المساس أو مراجعة مبدأ أن الشريعة هي المصدر للتشريع"، وبينت أخرى أهمية "اجراء تعديلات دستورية في المراحل القادمة" ولكن دون أن تحددها، وأخرى طالبت بالعمل على " استمرار تعديل الدستور حتى تعاد للشعب حقوقه باعتباره مصدرا للسلطات"، بينما طالبت احدى القوائم ب "تفعيل المواد الدستورية التي تنص على الفصل بين السلطات"، فيما طالبت أخرى بإجراء تعديلات دستورية على مراحل تضمن تطبيق مبدأ الشعب مصدر السلطات واستعادة الالتزام الحرفي بالدستور نصا وروحا". ويمكن الاشارة هنا الى أن غالبية القوائم الانتخابية التي تناولت موضوع الدستور هي تلك المنبثقة عن أحزاب سياسية أو تيارات سياسية.
قانون الاحزاب السياسية
اما في موضوع قانون الأحزاب السياسية وهو الذي يشكل محورا اساسيا من محاور الاصلاح السياسي في الأردن، وجرى حوله مناقشات واسعة خلال السنوات الماضية، فقد تناولته خمسة قوائم انتخابية فقط بنسبة 12 بالمائة من القوائم الانتخابية التي تم تحليل برامجها الانتخابية، و 8 بالمائة من مجمل القوائم الانتخابية. الذي يشير الى ضعف الاهتمام بهذا الموضوع وتراجع أولويته في خطاب القوائم الانتخابية.
وانحصرت اطروحات البرامج الانتخابية التي تناولت هذا الموضوع في ضرورة "تحديث قانون الأحزاب السياسية" دون الاشارة الى الكيفية أو اتجاه هذا التحديث.، في حين اكدت أخرى على "حرية تشكيل الأحزاب"، وأخرى طالبت ب " تشجيع الأحزاب على العمل"، ويوجد قائمتين انتخابيتين فقط طالبتا بإجراء تعديلات على قانون الأحزاب السياسية وحددتا ملامح هذه التعديلات، إذ طرحت جملة من التعديلات تمثلت في "أن يكون تمويل الاحزاب من أعضائها ومن الشركات والمؤسسات الاردنية ويحسب ذلك من ضريبة الدخل، وان يتم حل أي حزب يأخذ تمويلا من الخارج، وان يتم اعفاء الاحزاب من الضرائب والجمارك العامة، وان يتم التوعية الحزبية في مساقات التربية والتعليم ورفع القيود عن منتسبي الاحزاب، اضافة الى تشكيل هيئة مستقلة لرعاية العمل الحزبي"، وأخرى طالبت برفع القيود عن الحياة الحزبية والتي تعيق العمل الحزبي.
قانون الانتخاب
وفيما يتعلق بقانون الانتخاب وهو أيضا من أكثر محاور الاصلاح السياسي اثارة للجدل ليس فقط خلال العاملين الماضين، بل منذ أكثر من عقدين، فإن غالبية القوائم الانتخابية لم تتناوله في برامجها بأي طريقة تذكر، إذ تطرقت اليه 16 قائمة انتخابية في برامجها بنسبة 38 بالمائة من القوائم التي تم تحليلها، و26 بالمائة من مجمل القوائم الانتخابية. وتراوحت اطروحات القوائم الانتخابية من قانون الانتخابات ما بين الموافقة عليه كما هو، واجراء تعديلات جذرية عليه من جانب آخر، والعديد من القوائم الانتخابية طالبت بتعديل القانون دون الاشارة الى شكل قانون الانتخاب الذي تريده. واكتفت بالإشارة الى انها "ضد قانون الانتخاب" وبعضها اشار انه يعترض على قانون الانتخاب"، وأخرى طالبت "بتحديث قانون الانتخاب"، وطالبت اخرى ب"تطوير قانون الانتخاب"، وبينت احدى القوائم التي تناولته أنها "مع صياغة تشريعات وقوانين انتخاب عصرية"، وطالبت أخرى "بضرورة تعديل قانون الانتخاب" دون الاشارة الى ملامحها، واحدى القوائم أكدت "على أهمية فتح ملف قانون الانتخاب"، وأخرى اشارت الى أنها "ستفتح ملف قانون الانتخاب لتعديله من خلال فتح حوار وطني حوله" ، فيما لفتت قائمة أخرى الى " انها ستعمل على اقرار قانون انتخاب توافقي". بينما اوضحت بعض القوائم الانتخابية موقفها بوضوح من قانون الانتخابات الذي ستعمل على اقراره ويتمثل في "تعديل قانون الانتخاب على اساس مبدأ التمثيل النسبي الكامل على مستوى الوطن"، بينما أشارت احدى القوائم الحزبية الى انها ستعمل على أجراء تعديلات على القانون لتشمل "اقرار مبدأ القائمة الحزبية تدريجيا ضمن سلم زمني وبحد يصل الى 50% من مقاعد مجلس الامة ، مع اجراء تعديلات على القانون الحالي بحيث يتم تخصيص القائمة الوطنية للفعاليات الحزبية وتكون مفتوحة للأعضاء، والسماح للأردنيين المغتربين الاردنيين بالمشاركة في الانتخابات من خلال سفارات المملكة في الخارج، واعادة النظر في تقسيم الدوائر الانتخابية واعداد نوابها واخذ البعد التنموي والسكاني والجغرافي في كل دائرة واعتماد تسمية اللواء للدائرة انتخابية. وهنا أيضا يمكن الاشارة الى ان غالبية القوائم التي تناولت قانون الانتخاب في برامجها الانتخابية كانت القوائم المنبثقة عن أحزاب سياسية.
وعليه يمكن الاشارة الى تراجع أهمية الموضوعات المتعلقة بالإصلاح السياسي وأولويتها لدى غالبية برامج القوائم الانتخابية المتنافسة على مقاعد القائمة النسبية المغلقة في مجلس النواب السابع عشر القادم والبالغ عددها 27 مقعدا من أصل 150 مقعدا، الأمر الذي يعكس تراجع اولويات هذا الموضوع لديها، أمام المطالبة بمحاربة الفساد وبعض الأولويات الاقتصادية والاجتماعية الاخرى. وهذا يعكس الطريقة التي تم بموجبها تشكيل الغالبية الكبيرة من القوائم الانتخابية والتي قامت على أسس غير سياسية، إذ تشكلت هذه القوائم من شخصيات جزء كبير منها لم يمارس العمل السياسي من قبل.
[1] تمثلت القوائم الانتخابية التي تم تحليل برامجها الانتخابية فيما يأتي مرتبة عشوائيا: الاتحاد الوطني، التيار الوطني، العدالة والتنمية، صوت الوطن، الكرامة، العدالة والحرية، العمل والعمال، اهل الهمة، العمالية والمهنية، الشعب، التجديد، العدل، الوسط الاسلامي، الوطنية للإصلاح، الجبهة الموحدة، النهوض الديمقراطي، وطن، التعاون الانتخابية، العمل الوطني، الاقصى، نشامى الوطن، أردن أقوى، التغيير، المواطنة، القدس الشريف، أبناء الحراثين، كتلة دعاء، كتلة شباب الوفاق الوطني ، الرفاه/ أهل العزم، القطاعات المهنية، راية الحق، المستقبل الآن، الوحدة الوطنية، البناء، الصوت الحر، البيان الحر، البيارق، المواطن، العدل والمساواة، ابناء الوطن، الفقراء الى الله.