رسالة عمان
أطلقت "رسالة عمان" في ليلة القدر المباركة في التاسع من تشرين الثاني/نوفمبر 2004 قبل إعلان الأردن عزمه على عقد المؤتمر الإسلامي الدولي في عمان عام 2005، وجاءت الرسالة للتوعية بجوهر الدين الإسلامي الحنيف وحقيقته، الذي قدم للمجتمع الإنساني أنصع صور العدل والاعتدال والتسامح وقبول الآخر ورفض التعصب والانغلاق.
الرسالة وليدة فكرة هاشمية، تجمعت أركانها ليتبنى الأردن خلالها الكثير من المؤتمرات والندوات، وكذلك المبادرات الهادفة إلى صياغة موقف إسلامي عقلاني بحثي فقهي سياسي يعرض على الأمم والشعوب كلها، وإسلام ما يزال يشكل في اعتداله وتسامحه ورقيه ثقلا حفظ الحياة الإنسانية، ويحفظها، من صدامات وانحرافات خطيرة.
وصدرت الرسالة بمباركة جلالة الملك عبدالله الثاني الذي خاض بنفسه تجربة التحدث إلى المجتمعات الغربية وبلغتها، ولمس، مثلما لمس الكثيرون، الأثر الطيب الذي تركته خطاباته، التي كانت نموذجا في المعاصرة والصدق والصراحة، في الأوساط السياسية والإعلامية في هذه المجتمعات.
هذه الأوساط الفكرية والثقافية والإعلامية والسياسية رفيعة المستوى، أظهرت إعجابها بالأفكار التي عبر عنها جلالته وهو يصحح الصورة ويحذر من الوقوع في التزييف والتشويه الذي يستهدف تدمير جسور العلاقة بين الشعوب وتضر بالعلاقات الدولية ضررا بالغا لما تبثه من ريبة وضغينة وشكوك لا يستفيد منها سوى أعداء السلام والأمن والازدهار، وغيرهم ممن يجنحون للتطرف والتعصب والإرهاب.
الرسالة أكدت أن الأردن تبنى نهجا يحرص على إبراز الصورة الحقيقية للإسلام ووقف التجني عليه ورد الهجمات عنه بحكم المسؤولية الدينية والتاريخية الموروثة التي تحملها قيادته الهاشمية بشرعية موصولة بالمصطفى صلى الله عليه وسلم.
وجاءت "رسالة عمان" في وقت أحوج ما تكون الأمة الإسلامية إلى من يصارحها بما نهضت إليه عبر تاريخها من إنجازات وما تضمنته حضارتها من منجزات، لتحمل، وفق رؤية جلالة الملك عبدالله الثاني، على عاتقها أمانة الدفاع عن قيم الدين الحنيف ومبادئه وأخلاق الأمة التي تدين بها، لفك الحصار عن عقلها والخروج من العزلة التي اختارتها والعودة إلى مقاصد شريعتها التي انتدبت لها من بين الأمم.
وأرادت "رسالة عمان" أن توحد رؤية العالم الإسلامي وتجمعه على خطاب واضح المعالم محدد الأطر، لا يسمح بترك المفاهيم العامة تتحول إلى مساحات رمادية يلعب فيها ويعبث بها منتسبون ضعفاء العقل والضمير عابثون بمصير الأمة، لا يقيمون وزنا لشرعة الله وسنة النبي، يلتقون في نهاية المطاف بالقوى التي دأبت منذ عقود على محاولة عزل الأمة الإسلامية عن المجتمع البشري والحضارة الإنسانية المعاصرة، وليس حماية لها كما يدعون.
والإسلام العظيم، حسب ما شددت عليه الرسالة، يدعو إلى الانخراط والمشاركة في المجتمع الإنساني المعاصر والإسهام في رقيه وتقدمه متعاوناً مع كل قوى الخير والتعقل ومحبي العدل عند الشعوب، إبرازا أمينا لحقيقته وتعبيرا صادقا عن سلامة الإيمان والعقيدة بدعوة الحق سبحانه وتعالى للتآلف والتقوى.
اما العلماء، فدعتهم الرسالة الى الإسهام في تفعيل مسيرة وتحقيق أولوية أن يكون المسلمون هم القدوة والمثل في الدين والخلق والسلوك والخطاب الراشد المستنير، يقدمون للأمة دينها السمح الميسر وقانونه العملي الذي فيه نهضتها وسعادتها، ويبثون بين أفراد الأمة وفي أرجاء العالم الخير والسلامة والمحبة.
والإسلام، كما أكدت الرسالة، دين أخلاقي الغايات والوسائل يسعى لخير الناس وسعادتهم في الدنيا والآخرة. والدفاع عنه لا يكون الا بوسائل أخلاقية فالغاية، لا تبرر الوسيلة في هذا الدين والأصل في علاقة المسلمين بغيرهم هي السلم.. فلا قتال حيث لا عدوان، وإنما المودة والعدل والإحسان.
وترجمت رسالة عمان إلى عدة لغات ليصار إلى توزيعها بشتى أنحاء العالم لتتمكن الشعوب من الإطلاع على حقيقة الإسلام وجوهره الحقيقي.