وجـه جلالة الملك عبد الله الثاني ابن الحسين دولة رئيس الوزراء في كتاب التكليف السامي بضرورة إجراء حـوار وطني حول الإصلاح السياسي والاقتصادي في البلاد . وتنفيذاً للتوجه الملكي باشرت الحكومة بإجراء " حوارات مهمـة ومكثفة مع العديد من القوى والفعاليات السياسية والاجتماعية والاقتصادية قرر على أثرها مجلس الوزراء تشكيل لجنة الحوار الوطني برئاسة دولة رئيس مجلس الأعيان السيد طاهر المصري في 13/3/2011 . وحدد مجلس الوزراء مهام اللجنة " بإدارة حوار وطنـي مكثف حول مختلف التشريعات التي تتعلق بمنظومة العمل السياسي ومراجعتها، لإيجاد حياة حزبية وديمقراطية متقدمة ، وتشكيـل حكومات برلمانية عمادها الأحزاب ، وتقديم مشروعي قانونيين توافقيين للانتخابات النيابية والأحزاب يلبيان هذه الأهداف" . كما تضمن قرار مجلس الوزراء إعطاء اللجنة الحرية " في البحث المعمق في مختلف التشريعات ذات الصلة وتقديم توصياتها."
وبتاريخ 14/3/2011 وجه جلالة الملك عبد الله الثاني ابن الحسين رسالة مباركة إلى رئيس اللجنة وأعضاءها تمنى فيها لهم النجاح في وضع الأطر لقيادة عملية حوار سياسي تعزز مسيرة الانجاز والاستقرار والبناء على المكتسبات والوصول إلى صيغة قانون انتخاب ديمقراطي يقود إلى انتخاب مجلس نيابي يمثل كل الأردنيين ويضطلع في تكريس العدالة والنزاهة والشفافية وسيادة القانون .عمــون. وكذلك التوصل إلى تشريع يثري التعددية السياسية والحزبية القائمة ويكرسها نهجاً راسخاً ويمكن كافة القوى السياسية الفاعلة من المشاركة في العملية الديمقراطية وصناعة القرار عبر أحزاب ذات برامج تعبر عن طموحات المواطنين وتستجيب لتطلعاتهم خاصة فئة الشباب منهم في فترة ثلاثة أشهر ".
وفي 15/3/2011 رفع رئيس اللجنة دولة السيد طاهر المصري رسالة جوابية ، لمقام جلالة الملك تضمنت حرص اللجنة على أن يكون التوصل إلى وفاق وطني شامل حول قانوني الانتخاب والأحزاب " مدخلاً نحو منظومة متكاملة من الإصلاح السياسي الشامل الذي يستجيب لتطلعات سائر مكونات المجتمع ويهيئ الفرص الرحبة لشراكة مجتمعية واسعة في مجمل الأداء العام للدولة ويسهم في إثراء التعددية السياسية الفاعلة ، ويحذر قيم الحرية والديمقراطيـة في دولة المؤسسات والقانون."
وفي الكلمة التي ألقاها في الاجتماع الأول للجنة بتاريخ 19/3/2011 للجنة قال دولة السيد المصري أن تشكيل هذه اللجنة " ينطوي على أهمية بالغة في هذه المرحلة الدقيقة التي يجتازها بلدنا وسط ظروف إقليمية وعالمية غاية في الدقة والحساسية ، وان المسؤولية الملقاة على عاتق الأعضاء جميعاً مسؤولية كبيرة تتطلب العمل بروح من الإحساس الكامل بالمسؤولية."
مضيفاً " أن الأنظار تتجه إلى هذه اللجنة بأمل أن تتوصل إلى نتائج ايجابية عن طريق العمل من أجل الإصلاح الشامل ضماناً لدولة قوية ذات هوية وطنية جامعة " مضيفاً أن مهمة هذه اللجنة " جليلة تتناول أهم محاور المنظومة التشريعية الوطنية .. وما يتطلبه ذلك من تعديل أو إصلاح في أي مجال أو تشريع يحقق الغايات الوطنية بعامة ... ويعمل على تبديد الشكوك وتعزيز الثقة المتبادلة ، بين المواطن والدولة ". وخلال المناقشة العامة في هذه الجلسة طالب الأعضاء أن تكون التعديلات الدستورية اللازمة لإنجاح عملية الإصلاح من ضمن مهام هذه اللجنة.
وفي لقاء صريح مع أعضاء اللجنة في الديوان الملكي بتاريخ 29/3/2011 أكد جلالة الملك على أنه يضمن احترام مخرجات اللجنة وتوصياتها المتمثلة بصياغة قانون انتخاب وقانون أحزاب والتعديلات القانونية والدستورية اللازمة لتطوير الحياة النيابية والسياسية للارتقاء بالعمل السياسي الوطني وبناء الأردن الجديد.
وفي الاجتماع العام الثاني تقرر تشكيل ثلاث لجان رئيسية هي:
لجنة المرجعية العامة
لجنة قانون الانتخاب
لجنة قانون الأحزاب
كما تم تسمية د. موسى بريزات مقررا.
باشرت اللجان الثلاث مهامها فوراً وانتخبت لجنة المرجعية العامة معالي د. رجائي المعشر رئيساً لها وانتخبت لجنة قانون الانتخاب معالي السيد عبد الكريم الدغمي (رئيس اللجنة القانونية في مجلس النواب) رئيسا لها بينما انتخبت لجنة قانون الأحزاب المهندس مروان الفاعوري رئيساً لها .
وقد عقدت اللجان الثلاث وكذلك اللجنة العامة عدة اجتماعات متوازية تخللتها نقاشات مكثفة ومشاورات كل في مجالها . وقد شارك رئيس لجنة الحوار الوطني في عدة من هذه الاجتماعات، كما ترأس بعضها . وأخذت هذه اللجان توجهات الرأي العام التي تبلورت خلال زيارات المحافظات واللقاءات في التجمعات والمنتديات المختلفة بما فيها طلبة الجامعات وأعضاء هيئات التدريس فيها بالاعتبار . وكانت لجنة الحوار الوطني قد شكلت فرق انسجاما مع توجيهات جلالة الملك بضرورة إجراء حوار موسع، قامت بزيارة إحدى عشر محافظة تمت برمجتها بالتنسيق مع الحكام الإداريين . وأجرت العديد من اللقاءات مع قادة الأحزاب والرأي وممثلي الصحافة ووسائل الإعلام بالإضافة إلى المشاركة في مختلف النشاطات بالاشتراك مع الأندية الشبابية وممثلي الاتحادات والمنظمات النسوية ورؤساء المجالس البلدية ، حيث تسنى ومن خلال كل هذه النشاطات واللقاءات الحوارية للجنة الإطلاع على توجهات المواطنين واستبيان آراءهم حول مختلف جوانب عملية الإصلاح السياسي والاقتصادي بما في ذلك تصوراتهم حول قانوني الانتخاب والأحزاب والتعديلات الدستورية.
وبنتيجة ذلك أمكن للجنة أن تتوصل إلى ابرز ملامح التوافق الوطني حول عملية الإصلاح السياسي والاقتصادي والتي جرى أخذها بالاعتبار عند صياغة مسودتي القانونين المذكورين ، وكذلك فيما يتعلق بالتعديلات الدستورية المقترحة وبعناصر الوثيقة المرجعية.
وقد استدعت اعتبارات كثيرة – خاصة الرغبة بتشخيص الوضع الراهن بموضوعية ووضوح واستذكار الظروف المحلية والإقليمية التي دفعت الجهود لإطلاق عملية الحوار الوطني هذه والإصرار على القيام بعملية إصلاح شاملة وجذرية تعالج جميع أسباب الإخفاق بما فيها محاربة الفساد والحاجة لسن قانوني انتخاب وأحزاب يعززان الديمقراطية والتعددية السياسية وضرورة إطلاق إصلاح اقتصادي جدي – كل هذه الاعتبارات استدعت التوسع في وضع وثيقة مرجعية تكون دليلا لهذه العملية الإصلاحية مستقبلاً . وقد تضمنت هذه الوثيقة المرجعية نظرة موضوعية على تطور المشهد الوطني عبر تاريخ الأردن الحديث وموجبات الإصلاح ومنطلقاته وآفاقه ومرتكزاته بالإضافة إلى التعديلات الدستورية المرتبطة بعملية الإصلاح السياسية ، كما تضمنت موجبات قانون الانتخاب الذي يجب أن يكون لبنة أساسية في عملية تفعيل الحياة النيابية وتعزيز الديمقراطية وتكريس استقلالية السلطات وفصلها ، وكذلك مبررات قانون أحزاب يمهد الطريق أمام قيام حياة حزبية نشطة، إلى جانب التعديلات الدستورية المنظورة .
وكانت رسالة جلالة الملك بشأن تشكيل لجنة مراجعة الدستور قد تضمنت التوجيه بضرورة أخذ مقترحات لجنة الحوار الوطني حول التعديلات الدستورية بالاعتبار عند قيام اللجنة بمهمتها.
جرى التوافق على الوثائق النهائية في اجتماع لجنة الحوار الوطني المنعقد بتاريخ 24/5/2011
النتائج كاملة